حكايات تدمي القلوب يرويها المدمنون، بعد رحلة طويلة من المعاناة ضلوا خلالها الطريق؛ بحثا عن متعة زائفة، وسعادة مؤقتة، نهايتها -أي نهاية الرحلة- الشقاء والتعاسة الأبدية..
الخط الساخن الذي بدأ في نوفمبر 1999، واستقبل أكثر من 23 ألف حالة، والذي ساند وشجع هذه الحالات بعد أن تأكدوا من سرية وأمان العلاج مجموعة من الشباب فضلوا كسر حاجز الصمت، وتقديم تجربتهم، وخبراتهم لمجلة المجتمع وآفة المخدرات.
حتى تستطيع نقل هذه التجارب والخبرات للشباب وتحذيرهم من التفكير في الوقوع في بئر الإدمان ولو على سبيل المزاج، بل ويشجع من وقع فعلا على العلاج بسرعة، وقبل فوات الأوان وتختار المجلة حكاية "عائدان من الإدمان قبل فوات الأوان"؛ لتنبيه الشباب، وتحذيرهم من السير في طريق إدمان المخدرات؛ لأنه طريق لا عودة منه أبدا..
الأولاني:
"طارق مطر" 25 عاما طالب بالسنة النهائية من ليسانس الحقوق، لم يتزوج بعد..
عن رحلته مع الإدمان للمجلة، يقول: "بدأت رحلتي مع الإدمان منذ خمس سنوات بتجربة الحبوب المنبهة مثل زملائي الذين أقنعوني بأنها تفيد في السهر والمذاكرة، ووجدت أنها منتشرة بشكل كبير بين طلبة الجامعة لاعتقادهم أنها تساعد على التحصيل الدراسي، وتزيد من القدرة على جمع المعلومات..
وجربتها، وسهرت، وذاكرت كثيرا، ولكنني في النهاية وجدت أن هناك استحالة من استرجاع المعلومات التي كنت أختزنها في ذاكرتي، وكانت النتيجة الرسوب المتكرر حتى تم فصلي من الكلية لمدة عام..
وساءت حالتي النفسية لفشلي الذي كان لأول مرة وبدأت أضع الحواجز حتى لا يعرف أحد سري، وبدأت أنجرف مع زملائي في تجريب أنواع أخرى من المخدرات مثل الأدوية المخدرة، والحشيش؛ هروبا من الفشل، وعندما كنت أتساءل: هل أنا مدمن؟ كانت الإجابة أبدا... مادمت بعيدا عن الهيروين فأنا لست مدمنا!!
وصدقت نفسي، وتماديت حتى أشعر برجولتي، ولكن كلما تألمت من أعراض الانسحاب أو الامتناع عن المخدرات انجرفت أكثر لزيادة نسبة المواد المخدرة التي أتناولها وأتعاطاها، وكنت معتقدا أن المخدرات ستحل جميع مشاكلي ولكني فوجئت أنها تزيد حياتي ومشاكلي تعقيدا..
وأخيرا وصلت إلى الهيروين لاحتياجي الشديد لمواد مخدرة أكثر، وإحساس بالألم عندما ينتهي مفعولها وتأثيراتها، وأصبح الحصول على الأموال لشراء المخدرات هو همي الوحيد، ولجأت إلى الكذب، والنصب على زملائي لاقتراض النقود منهم، ووصلت بي الحال إلى إيقاف أي شخص في الشارع للحصول على ثمن حقنة الهيروين..
وقد أقنعني رفاق الإدمان بأن المخدرات تجعلني طليق اللسان، وتسمح لي بإقامة علاقات مع الجنس الآخر بسهولة، ولكن فوجئت أنني تحولت إلى إنسان فاقد الإحساس والشعور، وبدأت أشعر بالانطوائية، ولا أشارك أسرتي -التي كانت تتألم وتموت كل يوم بسببي- في أي شيء أو في أية مناسبة..
وبدأت في سرقة أشياء ثمينة من المنزل، وبدأت صحتي تنهار، وأصبت بالآلام في الكبد وقرحة المعدة، وأصبحت مهددا من قبل الشرطة..
وقد كانت صدمتي كبيرة عندما بدأ أصدقائي يموتون أمامي من المخدرات، هنا بدأت وتقدمت للعلاج أكثر من مرة، وكانت المقابلة في المستشفى سيئة ومحبطة، إلى أن هداني الله -عز وجل- إلى الخط الساخن لعلاج تعاطي وإدمان المخدرات، وتشجعت وأخذت موعدا، ووجدت المقابلة أكثر من جيدة، والعلاج بأسلوب تربوي محترم..
وبدأ التغيير الكامل، والعلاج عن اقتناع، وتغيرت نظرة المجتمع لي..
ونصيحتي لكل شاب بدأ رحلة تعاطي وإدمان المخدرات البعد عن رفاق السوء، والبعد عن التجربة المشئومة.
التاني:
اسمه "أحمد سمير" طالب في الأكاديمية الحديثة بحي المعادي بشعبة التجارة باللغة الإنجليزية، ويبلغ من العمر 23 عاما..
يحكي فيقول: أنا بطبعي شخصية إدمانية منذ طفولتي، لا توجد لدي أية رقابة على سلوكياتي، ولا يوجد أحد يحاسبني؛ لأنني أعيش مع والدتي، ولم يكن لدي أي وازع ديني، بالإضافة إلى أن كل أصدقائي مثلي تماما ولكنني كنت دائما أشعر بأنني مميز عليهم؛ لأنني كنت متفوقا في دراستي بينما هم غير متفوقين..
وبدأ الخطأ بالتزويغ من المدرسة، ثم كان المدخل إلى تعاطي السجائر، ثم السجائر المحشوة بالبانجو؛ علشان أضحك، وآكل، وأهرج، وأكون الواد الروش الذي تحبه البنات وتسعى إلى صداقته، ثم بدأت أختلق المناسبات لتعاطي المخدرات..
لقد خسرت كل شيء، حتى احترام الناس والمجتمع..
وأخيرا تعرفت على الخط الساخن بعد فشل كل محاولات العلاج، ووجدت الأمل فهم يعاملونني كإنسان مريض، وليس مجرما، وبدءوا بسماع الصندوق الأسود الذي بداخلي، وتعافيت، واسترددت نفسي..
هذه حكاية "عائدان من الإدمان قبل فوات الأوان" بكل تفصيلاتهما تقدمها المجلة إلى الشباب الذي يجب أن يفكر ألف مرة، بعد قراءة واستيعاب حكاية الطالبين : "طارق مطر"، و"أحمد سمير"، عند مجرد التفكير حتى في تدخين السجائر.
عن مجلة "المجتمع وآفة المخدرات[center]